السيدة الوزيرة والسادة الوزراء،
السادة رؤساء الجامعات ومديرو مؤسسات البحث ومراكز التكوين،
السيدات والسادة الأساتذة الباحثين،
يسعدني أن أتواجد اليوم بين صفوة من الأساتذة الجامعيين والباحثين، معربا لكم عن بالغ الاعتزاز بالانتماء إلى هيئتكم النبيلة، التي كرست في خدمتها قسطا وازنا من حياتي المهنية.
لذلك، أتقدم لكل واحد منكم، ولكم جميعا، بأصدق عبارات الترحيب، موجها شكري الحار للجميع على تلبية دعوة المجلس وعلى حضور هذا اللقاء.
تعلمون جميعا أن دستور 2011 بوأ المجلس موقع مؤسسة دستورية مكلفة بإبداء الرأي في السياسات العمومية والقضايا الوطنية ذات الصلة بالتربية والتكوين والبحث العلمي، وبالإسهام في تقييمها.
تعلمون كذلك أن المجلس منذ تنصيبه في صيغته الجديدة سنة 2014، وضع في صدارة أولوياته إنجاز تشخيص دقيق وموضوعي للاختلالات التي تعاني منها منظومتنا التربوية، وتحديد خارطة الطريق الواجب اتباعها من أجل تأهيل مدرستنا.
وقد تم بالفعل القيام بهذه المهمة طبقا للشروط المثلى للخبرة والتشاور والحوار، ولا يسع المجلس إلا أن يعبر عن اعتزازه القوي بالدعم السامي لجلالة الملك ، وعن ارتياحه للتزام الحكومة باتخاذ ما يلزم من تدابير تحضيرية لتطبيق الإصلاح.
اعتبارا لذلك، فإن مجلسنا مدعو للانخراط الفاعل في البحث، وفي تجديد المعارف المرتبطة بميادين التربية والتكوين، ولمواكبة تطورات العلوم والنظريات والتجارب المرتبطة بهذه الميادين، بمختلف تخصصاتها، الفلسفية والتاريخية والسوسيولوجية والسيكولوجية والاقتصادية والقانونية والتقنية…
لبلوغ هذا الهدف، فإن المجلس في حاجة إلى دعمكم، وإلى كفاءاتكم وخبراتكم، وإلى أعمالكم وتجاربكم. ذلك أن تمكن المجلس من القيام الأمثل بمهامه، يستدعي بالضرورة الاستناد إلى مساهماتكم الأكاديمية، النظرية منها والميدانية، فضلا عن الاعتماد على موارده الخاصة. وحتى ننجح في الاشتغال بشكل مشترك ومتكامل، يتعين علينا القطع مع تقليد اللجوء إلى خدمات هذا الخبير أو ذاك، والاتجاه نحو ترسيخ الدعم المؤسساتي، الجماعي، المتعدد التخصصات، وإرساء إطار منظم، قد يتخذ صيغة شبكة للكفاءات، قادرة على الاشتغال بما يكفي من المرونة للتكيف مع خصوصيات كل مشروع.
ومن الأكيد أن نهج هذه المقاربة، سيمكن من تعبئة الخبرات الوطنية الأكثر كفاءة، التي ترتبط، بدورها، بمراكز البحث الأجنبية الأكثر إشعاعا؛ وهو ما سيسمح بإطلاق دينامية جديدة للبحث العلمي الموجه نحو سد الخصاص الذي تعاني منه منظومتنا التربوية، والهادف إلى الرفع من مستوى الأداء والجودة، وذلك من أجل استلهام النظريات الأكثر تجديدا، والأفكار الأكثر ملاءمة، والبحوث الأحدث، والتجارب الأنجح، بما يخدم، بشكل متواصل، الإصلاح المنشود.
في هذا الصدد، سنوافيكم خلال هذا اللقاء بتفاصيل أوفر، وسنتقاسم معكم المسار الذي أفضى إلى إنضاج هذه المبادرة، والكيفية التي قمنا بها لجرد واختيار بنيات ومراكز البحث القادرة على مواكبة أعمال المجلس واهتماماته، كما سنشارككم الحاجات والاهتمامات الأولية التي حددناها في مجالات التقييم والدراسة والبحث والاستشراف.
غير أن ما أود التأكيد عليه، في هذه الكلمة التقديمية، هو أن المجلس ينشد دعمكم، ويقدم لكم عرضا نبيلا، مستحضرا في ذلك القيمة المضافة لجودة عملكم، ومستهدفا تعزيز جهودكم الدؤوبة في البحث؛ غايته المثلى في ذلك إتاحة فرصة ثمينة لإسهامكم في الإصلاح وفي تأهيل منظومتنا التربوية، من خلال تعبئة واسعة وناجعة لكل الفعاليات المعنية.
لذلك أتمنى، بعد تُقديم العروض، ومناقشة المقترحات وتوضيحها، أن تتوج أعمالنا بنهج شراكة جديدة، وإرساء أسس تعاون مبني على الفائدة المتبادلة، وقد يتجه التفكير إلى إحداث لجنة ثنائية تتولى مهمة تحديد آليات الاشتغال في هذا الإطار.
في الختام، أود تجديد الشكر الخالص للسادة الوزراء المكلفين بالتربية الوطنية والتعليم العالي على العناية التي أولوها لهذه المبادرة، وعلى الجهود التي ما فتئوا يبذلونها من أجل توفير الدعم المتواصل لمختلف أنشطة المجلس.
الشكر موصول كذلك لأطر المجلس الذين اشتغلوا على مدى شهور متعددة، للتحضير الجيد لهذا اللقاء وإنجاحه، ولاسيما السيدة سامية السمار، مع تحية خاصة إلى الأستاذ محمد صوافي، صاحب الفكرة والمحرك الأساس لهذا اللقاء.