السيدات والسادة ممثلو المؤسسات والمنابر الإعلامية والتواصلية،
بداية، أود أن أتقدم لكم بالشكر الجزيل على حضوركم معنا اليوم، وهو ما يعكس اهتمامكم البالغ بقضايا التربية والتكوين والبحث العلمي، ويدل على الدور المحوري الذي تقومون به، وتفاعلكم الإيجابي مع أنشطة المجلس والقضايا ذات الراهنية. وما تخصصونه من مجهودات تبتغي تنوير الرأي العام، وتعزيز وعي المواطنين ومشاركتهم في قضايانا التربوية.
نعقد هذا اللقاء الصحفي للتواصل معكم بخصوص نتائج الدورة الاستثنائية للجمعية العامة للمجلس التي انعقدت يوم 19 يونيو2023، حيث أحال رئيس الحكومة على مجلسنا أربع طلبات رأي، تمت إحالتها بناء على قرار المكتب إلى اللجان المعنية، التي اشتغلت بوتيرة مكثفة وفق مقاربة تشاركية بناءة، مع العديد من رؤساء وأعضاء اللجان الدائمة، بتعاون مع الهيئة الوطنية للتقييم، وأطر قطب الدراسات والبحث ودعم هيئات المجلس، بغرض إنجاز مقترحات آراء بناءة، عرضت على مكتب المجلس لإبداء ملاحظاته بشأنها، قبل المصادقة عليها بالجمعية العامة الاستثنائية.
حضرات السيدات والسادة،
أيها الحضور الكريم،
تشكل الآراء التي تمت المصادقة عليها من طرف الجمعية العامة الاستثنائية، ثمرة سيرورة من النقاشات والإسهامات الوجيهة، وعملا جماعيا، أدمج مختلف الآراء ووجهات النظر.
لقد شكلت هذه الدورة الاستثنائية، التي تكللت نتائجها بالنجاح، فرصة نحو تعزيز سعينا الجماعي لإرساء انخراطنا في مواكبة وتقوية ودعم منظومتنا، وتفاعلنا اليقظ مع كل سياسات وبرامج الإصلاح؛ خصوصا المنصوص عليها في القانون الإطار رقم 51.17، الذي ما فتئ جلالة الملك محمد السادس حفظه الله، يعتبره إطارا تعاقديا وطنيا ملزما.
وفي هذا الإطار، تم التداول والمصادقة على أربع طلبات رأي، وهي كالتالي:
1/ رأي المجلس في مشروع القانون 59.21 المتعلق بالتعليم المدرسي؛ حيث أوصى المجلس بضرورة مراجعة جوهرية لمقتضيات هذا النص، لكي يستوفي مستلزمات بناء المدرسة الجديدة، وفق منهجية شاملة ونسقية وتشاركية؛
2/ رأي المجلس في مشروع مرسوم بشأن التوجيه المدرسي والمهني والإرشاد الجامعي؛ الذي من خلاله دعا المجلس إلى اتساق مجموع مكونات الإصلاح البيداغوجي، عبر الأخذ بعين الاعتبار المستلزمات القبلية والضرورية لبلورة نظام جديد للتوجيه المدرسي والمهني والإرشاد الجامعي.
3/ رأي المجلس في مشروع مرسوم تحديد تطبيقات الهندسة اللغوية بالتعليم المدرسي والتكوين المهني والتعليم العالي؛ والذي أكد المجلس من خلاله على ضرورة اتخاذ إجراءات هيكلية عامة وتفصيلية لإعمال هندسة لغوية منسجمة مع الوثائق المرجعية.
4/ رأي المجلس في مشروع مرسوم بتغيير وتتميم المرسوم رقم 2.04.89 الصادر في 7 يونيو 2004، بتحديد اختصاص المؤسسات الجامعية وأسلاك الدراسات العليا، وكذا الشهادات الوطنية المطابقة، ومشروع قرار بالمصادقة على دفتر الضوابط البيداغوجية الوطنية لسلك الإجازة، حيث أكد المجلس على أهمية الرفـع مـن مردوديـة ســلك الإجازة، وتحســين جــودة التكويــنات وربطهــا بالمواصفات المنتظرة لخريجــي هــذا الســلك، كما أكد علـى أهمــية اسـتكمال مقتضيـات مشـروع المرسوم، وجعلـه مطابقـا للمعاييــر المعمـول بهـا علـى الصعيـد الدولـي.
وبعد تداول الجمعية العامة في طلبات الرأي هاته، تمت المصادقة عليها بالإجماع، مع الأخذ بعين الاعتبار الملاحظات والمقترحات المعروضة، واعتمادها، قبل إرسال الصيغة النهائية إلى رئاسة الحكومة.
السيدات والسادة المحترمين،
لقد شكلت طلبات الرأي التي تمت إحالتها على المجلس في الأشهر الأخيرة، إحدى القضايا الرئيسية التي تقع في صلب اختصاصات المجلس كهيئة دستورية استشارية يعهد إليها بإبداء الرأي لفائدة الحكومة والبرلمان طبقا للمقتضيات القانونية والتوجيهات الملكية السامية.
وتجدر الإشارة إلى أن غايتنا هي الإسهام في التفكير التشاركي البناء، الذي يستشرف مستقبل المنظومة الوطنية للتربية والتكوين، في بعدها الشمولي والإدماجي، القائم على الجودة والإنصاف والاستحقاق. وخلق الشروط المثلى واللازمة لوضع اللبنات الأساسية للمدرسة الجديدة؛ باعتبارها الأساس الذي قامت عليه الرؤية الاستراتيجية 2015 – 2030. وهو ما يجعل تركيزنا بالأساس قائما على أولوية ضمان حقوق الأجيال الحالية والقادمة في ولوج تربية جيدة، وفعالة، ومنصفة، وواقعية، تحقق المصلحة الفضلى للمتعلمات والمتعلمين، في الأسلاك والأطوار التربوية والتكوينية لمنظومتنا الوطنية بكافة المناطق والجهات. وذلك شريطة ضمان إعمال حقيقي وشامل، كل من موقعه، للسياسات، والقوانين، والبرامج، والمشاريع الكبرى، والآراء، والتقارير؛ مع القدرة على ترجمتها إلى إجراءات واقعية ملموسة ومستدامة، تجعل المتعلمات والمتعلمين أساسها وصلبها.
وبهذه المناسبة، أود التأكيد لكم على أن سيرورة طلبات الرأي هذه، تؤشر على مسار واعد من التنسيق والتعاون والتكامل، مع القطاعات الحكومية المعنية، على اعتبار أن الغايات المشتركة التي نتطلع إليها جميعا، تكمن في إنجاح إصلاح المنظومة التربوية، بمختلف مكوناتها وقطاعاتها، وضمان سير الإصلاح على سكته الصحيحة وبالوتيرة المطلوبة، وبلوغ أهدافه الزمنية المحددة له، في احترام تام للاستقلالية والحدود المكرسة دستوريا.
في الختام،
نجدد لكم التأكيد على أن المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، ملتزم بالمواكبة اليقظة لإنجاح الإصلاح، خدمة للارتقاء الدائم والفعلي بميادين التربية، والتكوين والبحث العلمي والابتكار.
وإنني واثق من أننا سنتمكن من المضي قدما، من أجل تحقيق الإصلاحات المنشودة في منظومتنا التربوية، ووضع أسس مدرسة جديدة، كل من موقعه، تليق بأطفالنا وشبابنا، وبكافة الأطر الإدارية والتربوية، وبمجتمعنا الذي نفخر جميعا بالانتماء إليه.
شكرا لكم على تلبيتكم دعوة الحضور لهذا اللقاء الصحفي.
والسلام عليكم ورحمة الله وتعالى وبركاته.